بعد إبطال "الدستوري" وملاحظات صندوق النقد... هل يُعاد النظر بقانون الإصلاح المصرفي؟ -- Oct 06 , 2025 8
في وقت يقبع المودعون، في إنتظار معاينة النتائج الإصلاحية لتطبيق الــ"قانون رقم 23/2025 المتعلق بإصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها"، استجد على تطبيقه امران قد يؤخّرا العمل به بضعة أشهر.
الأول، طلب صندوق النقد الدولي تعديل نحو 11 مادة من القانون المذكور. إذ يتضح أنه يحاول إبعاد "شبح" المصارف عن المشاركة في قرارات التقييم والمعالجة، وهو ما ورد صراحة، في طلبه تأجيل مشاركة رئيس المؤسسة الوطنية لضمان الودائع، في الهيئة المصرفية العليا، لعلة أنه "يتم انتخابه من مجلس إدارة يهيمن عليه ممثلو المصارف". فيما أوصى "بإزالة آلية الاعتراض" التي تسمح للمصارف بالإعتراض على التقييم المستقل، "طلب أيضا، أن تشمل "صلاحيات المدير الخاص ... صلاحيات الجمعية العمومية".والثاني، قرار المجلس الدستوري رقم 16/2025، الذي قضى بإبطال القانون جزئيا، وذلك بعد طعن قدّمه عشرة نواب. وقد شمل الإبطال عدداً من المواد والعبارات التي رآها مخالفة للدستور، فيما رد المجلس باقي الأسباب وأبقى على جوهر القانون نافذا مع بعض التعديلات.
فما بين ملاحظات صندوق النقد والابطال الجزئي للمجلس الدستوري، يطرح السؤال عن مصير القانون؟
المجلس الدستوري لم يلغ أي من المندرجات الأساسية للقانون، وإقتصرت "الإبطالات" على مواد لن تكون عائقا أمام تنفيذه، أو على مسار العلاقة مع صندوق النقد. وهو ما أكده المحامي أكرم عازوري لـ"النهار" الذي أوضح أن "الإبطال الذي قرره المجلس الدستوري هو ابطال جزئي، ويعد إبطالا تقنيا لا يؤثر على فعالية القانون، ولا يغير في موقف صندوق النقد حيال مساعدة الدولة اللبنانية"، موضحا أن "القانون لا يزال قائما، وسيؤخذ بملاحظات المجلس الدستوري عند اصداره في الجريدة الرسمية".
الى ذلك تؤكد مصادر متابعة ان التعديلات التي أوردها من المجلس الدستوري تعتبر شكلية ومقبولة، ولم تمس جوهر القانون، فيما يصر صندوق النقد على تطبيق وصفة موحدة لا تأخذ خصوصية لبنان في الاعتبار. فالأزمة في لبنان ليست أزمة مصرفية تقليدية، بل أزمة نظامية شاملة ناتجة عن سياسات مصرف لبنان، ولا يمكن معالجتها بالطرق المعتادة".
بالعودة الى إبطالات المجلس الدستوري، فإن أهم المواد التي شطبت، تتعلق بإبطال عبارة "الملزمة الحكومة إحالته الى المجلس النيابي" التي إعتبر انها لا تحترم فصل السلطات، وشطب الإلتباس والتناقض في تاريخ الأزمة، وطالب " باعتماد التاريخ الغالب في القانون أي تاريخ 17 تشرين الأول 2019".
وأبطل فقرة من المادة 16، التي تنص على أنه "يعود للهيئة المصرفية العليا عدم اعتماد المبدأ العام القاضي بمعاملة الدائنين من ضمن المرتبة الواحدة بالتساوي..."
وكذلك أبطل فقرة من المادة 29 تتعلق بالدعاوى العالقة بين مودع ومصرف، وإحالتها" إداريا الى المحكمة الخاصة في غضون شهر من تعيين لجنة التصفية".
وشطب عبارة "لا يوقف الطعن أمام المحكمة المختصة تنفيذ القرار المطعون فيه ولا يبطل القرارات المتخذة سابقا من الهيئة المصرفية العليا".
أما صندوق النقد سلسلة فوجه سلسلة ملاحظات على قانون إعادة هيكلة المصارف، محذرا من ثغرات قانونية قد تقوض فعاليته وتضعف حماية المودعين والدائنين.
أبرز هذه الملاحظات تتعلق باقتراح تجميع حسابات المودعين عبر كل المصارف، إذ رأى الصندوق أن هذا التوجه لا يراعي حقوق المودعين داخل كل مصرف على حدة، ويخالف مبدأ "عدم الإضرار بأي دائن" المعتمد دوليا.
كما سجل الصندوق تحفظا على تشكيل الهيئة المصرفية، داعيا إلى استبعاد الجهات المرتبطة بالمصارف أو الحكومة، وتعزيز معايير الاستقلالية ومنع تضارب المصالح.
وانتقد أيضا منح المصارف حق الاعتراض على التقييم المستقل قبل بدء المعالجة، معتبرا ذلك انحرافا عن الممارسات الفضلى ويؤدي إلى إبطاء الإجراءات.
وفي ما يخص التصفية، رأى الصندوق أن المسودة الحالية تفتقر إلى أحكام جوهرية تتعلق بآثارها القانونية، وطالب بإيضاحها.
وشدد على ضرورة منح الهيئة المصرفية العليا صلاحيات مرنة لا تخضع للتدخل القضائي إلا في حالات نادرة، وعلى ألا تحمل كلفة المعالجة لمصرف لبنان بل للمصرف المعني.
وفي ملف رسملة المصارف، رأى الصندوق أنه "لا يمكن إلزام المصارف بضخ رأس مال أو سيولة دون احتساب الخسائر غير المحققة من مطالباتها لدى مصرف لبنان. فأي خطة لإعادة الرسملة يجب أن تستند إلى معلومات مالية عادلة تعكس هذه الخسائر". وحذر أيضا من استثناء الودائع العامة من ترتيب الدائنين، واصفا ذلك بأنه انحراف عن المعايير الدولية ويشكل خطرا على مبدأ العدالة بين الدائنين.
سلوى بعلبكي - "النهار"